ما يجري بلا شك يبعث الأمل.. المفاوضات تبدأ وتنتهي، الوجوه تتغيّر والمطالب تتبدّل والأحداث تنتقل من مسار لآخر والتحالفات تختلف والخصوم يتبادلون المواقع، كل ذلك ليس مهماً اذا ما قورن بنظرة الإنسان إلى ذاته ودوره في المجتمع، ذلك ما يصنع حركة التاريخ وذلك ما استطاعت ثورة 2011 تحقيقه رغم كل الدمار الذي تلاها..
المُذهل والإيجابي هو ما تعلّمه معظم السوريين خلال السنوات القليلة الماضية من تفاعل مع الشريحة السياسية والضغط عليها والتفنّن بإيصال مطالبنا إليها، عن طريق بيانات ولافتات ومظاهرات ورسائل ولقاءات، ما تعّلمناه من أن أصواتنا جميعاً يـــجـــب أن يتم الاستماع إليها وضرورة وجدوى الاستمرار في المحاولة رغم صعوبة كل الظروف وأنّنا جميعاً شركاء في صناعة الحدث، ما تعلّمناه من وسائل لترجمة طلباتنا وطلبات مجتمعاتنا بلغة سياسية عملية.. بيانات المجتمع المدني والمتظاهرين في سوريا الذين رفعوا لافتات عليها مطالبهم للمفاوضين والاجتماعات في كل مكان للخروج بتوصيات وتلخيصها وإيصالها للسياسيين والنقاشات والحورارات صغيرها وكبيرها، كل ذلك لم يكن ممكناً لولا معجزة 2011، وكل ذلك هو ما سيساعد على نهوض مجتمعنا من تحت الدمار ليستعيد مكانه بين الأمم، وهذه العدوى ستسري حتى للمؤيدين عاجلاً أم آجلاً، وهذا النصر الحقيقي، في اللحظة التي يدرك فيها الإنسان أنه شريك يسقط المستبد، سياسياً كان أو عسكرياً أو دينياً أو اقتصادياً، وذلك هو كل ما يحتاجه شعب ما ليصنع شمساً تفصل بين ليله ونهاره.. الثورة الحقيقية مستمرّة، ثورة الإنسان بحثاً عن دوره وذاته..

Freedom sculpture By zenos frudakis
شـاركـنـا رأيـك: