تعليقاً على جرائم التحرّش الجنسي في ميدان التحرير في القاهرة
أي تبرير أو شماتة في حوادث التحرّش بميدان التحرير يدل على فكر مريض، واستخدام الحادثة لمقارنة أنصار مرسي بأنصار السيسي لا تقل مرضاً، معظم التجمّعات في التحرير حصل فيها حوادث مشابهة والمشكلة في ثقافتنا ومجتمعاتنا والكبت الجنسي والتهاون مع هذه الجرائم، وليست بأنصار السيسي أو أنصار مرسي، ومن المعيب استخدامها أو تبريرها سياسياً.
منذ الأيام الأولى للثورات استخدمت الاتهامات الجنسية وتوّجت بمصطلح “جهاد النكاح” في سوريا، وعلى مرّ التاريخ تبادل الخصوم الاتهامات الجنسية والطعن في نساء “الآخر” واستخدامها كوسيلة للنيل منه. كثيراً ما نسمع غمزاً ولمزاً فيمن يخالفوننا أنهم مهووسون جنسياً، وأن نساءهم مجرّد وسيلة للمتعة وأمام أعين رجالهم. نجد ذلك في بعض السرديات عن الأقليات الدينية أو عن المجموعات الخارجة عن طاعة الحاكم.
في الواقع، هذه الأفكار مؤشر على النظرية الدونية التي يُنظر فيها للمرأة في الكثير من الثقافات عموماً، وفي ثقافات الشرق الأوسط خصوصاً، وهي ما تؤدي لتقبّل العنف بحقها سواءً أكان جنسياً أم غير جنسي. وحتى عندما تقع الجريمة، تتم مناقشتها كدليل على “تفوّق الشرف الذكوري” لطرف على طرف، دون مناقشة الجريمة على أنها انتهاك صارخ وجريمة بشعة.
كما أن نشر فيديوهات لفتيات ترقص في الميدان واعتبار أنهنّ وقعن في شرّ أعمالهن هو انحطاط أخلاقي مريع. لباس أي فتاة أو تصرّفاتها مهما كانت لا يمكن أن تكون مبرّراً لجريمة بشعة وقذرة كالتحرّش الجنسي أو الاغتصاب. تدفع العقلية الذكورية بأصحابها لتحميل الضحية جزء أو ربّما كل المسؤولية في الجريمة!!
لا يوجد أي مبرّر للتحرّش الجنسي أو الاغتصاب، ولا يمكن تحميل الضحية أي جزء من المسؤولية في هذه الجريمة، المجرم هو من قام بالتحرّش أو الاغتصاب، ويبدو أن حوادث الاغتصاب لا تبدأ في الشوارع، وإنّما في عقولنا، وفي ثقافتنا، ومكافحتها يجب أن تبدأ من هناك. التحرّش الجنسي لا يمكن أن يكون مسؤولية الضحية أبداً. هذه بداية مكافحة جريمة التحرّش.
في مصر، وفقاً لتقرير نشرته الأمم المتحدة، تسعة من أصل كل عشرة نساء كانت ضحية لجريمة التحرّش الجنسي أو الاغتصاب. مواجهة هذه الجريمة المنتشرة لا تقتصر على اصدار أحكام قاسية بحكم المجرمين، ولكن يجب أن تترافق مع حملات وبرامج توعية، ويجب أن تبدأ التوعية من مناهج الدراسة في المدارس.
علينا أن نفصل حقوق الإنسان عن المعارك السياسية، علينا التوقف عن استخدامها فقط كأداة للطعن في خصومنا السياسيين، أو تبريرها حمايةً لمن نعتنق أفكارهم. بذلك نكون قد أهنّا أنفسنا وكرامة الإنسان.
وبالمناسبة، عندما نتكلّم عن العقلية الذكورية والانحلال الأخلاقي، فالمذيعة التي تضحك عنذ ذكر جرائم التحرّش الجنسي وتبرّرها بأنّهم “مبسوطين بقا” هي خير من يمثّل تلك الثقافة. هذه المذيعة يجب محكامتها لأنها تبرّر جريمة بشعة على التلفاز.
September 22nd, 2014 at 2:53 pm
مشكوور
مدير موقع ماي سيربرايز
February 1st, 2015 at 10:00 pm
حقيقة وبدون مجاملة موضوع شامل ومفيد جداً ، وانا اتابع مدونتك بإستمرار ، ويسعدني ذلك ، استمر في التقدم وبالتوفيق لم ان شاء الله .
August 6th, 2017 at 8:36 pm
مشكووووووووور