الأزمة السورية بين الاستعصاء الداخلي والتدويل


شاركت في مركز الشرق للبحوث في اعداد الورقة البحثية “الأزمة السورية بين الاستعصاء الداخلي والتدويل”  لتحليل الأزمة السورية في كل جوانبها.

فريق البحث:

  • الباحثون المشرفون: د.سمير التقي، حسام ميرو، د. عارف دليلة، د.عبد الله تركماني، موسى قلّاب.
  • الباحثون المشاركون: إبراهيم الأصيل، رشا الجندي، زينة الباشا، سوسن التقي، منير الريّس، وائل اللّحام
 

أقسام الورقة

  • القسم الأول: الحراك الدولي عشية الضربة الأمريكية ضد النظام السوري

    • الولايات المتحدة

    • روسيا

    • دول مجلس التعاون

  • القسم الثاني: سيناريوهات الضربة العسكرية الأمريكية ضد النظام السوري

  • القسم الثالث: الوضع الاقتصادي والتداعيات المحتملة للضربة

  • القسم الرابع: الأثر المحتمل للضربة على وضع القوى الثورة المسلحة والمدنية

  • استنتاجات

 
 
 

القسم الأول: الحراك  الدولي عشية الضربة على سوريا

  • الولايات المتحدة

تحولّات الرؤية الأمريكية للعالم فيما تبقّى من عهد أوباما:

في ظل الحديث عن تراجع الدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق، والانتقادات التي وجهت إلى سياسة اوباما الخارجية، فإن قرار الضربة الأمريكية على سوريا سيدحض كل ما سبق.

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن انسحاب الولايات المتحدة وتسليم شؤون المنطقة إلى وكلاء اقليمين حلفاء للولايات المتحدة، لكن عدة عوامل أثبتت خطأ منطق ادارة أزمة الربيع العربي:

  • تبين أن الطابع الايديولوجي للموقف التركي وانكشاف محدودية تأثير تركيا في ادارة تداعيات الربيع العربي (سوريا، تونس ومصر)، قد أدى إلى تعثر كبير وأخطاء كثيرة.

  • في حين عملت قطر على أن تصبح الذراع الاستراتيجي لإدارة دور الإسلام السياسي في الربيع العربي وتداعياته، فإن قوى الإسلام السياسي فشلت في تحقيق تحالف مؤسس لمشروع وطني جديد في هذه البلدان. كما أنها قامت بدعم طيف واسع من القوى الإسلامية المتشددة في سوريا بشكل عشوائي سمح بتكوين فصائل ارهابية خارجة عن السيطرة وتتمتع بتمويل كبير، الأمر الذي أساء بدوره  لمسار الأزمة السورية. ومع ضعف الإسلام السياسي وتراجع مشروعه، نشأت مخاطر جدية من انحراف تداعيات الربيع العربي في تجاه قد يخدم ايران والقوى الراديكالية المتطرفة،  بل ويخلق فرصة لروسيا او حتى للصين لتحقيق  اختراق استراتيجي للمنطقة في اطار تداعيات الربيع العربي.

لا بد من الإشارة إلى أن إرث الحرب الأمريكية على الإرهاب قد أثر بشكل مباشر على مسألة التحرك من أجل حل الأزمة في سوريا وهذا ما عبر عنه العديد من الخبراء الأمريكيين المختصين في السياسة الخارجية وعدد من الديمقراطيين المتخوفين من تكرار تجربة العراق وتحمل الولايات المتحدة مسؤولية ما سيحصل عقب الضربة من أثار سلبية.

وبدا لفترة طويلة أن أوباما في سعيه لتركيز جهوده على تعريف الموقع الجيو- اقتصادي للولايات المتحدة في العالم من خلال احتواء وادارة العلاقة مع الصين، إضافة إلى تراجع أهمية الشرق الأوسط كأحد المصادر المتفردة للطاقة المتفردة في العالم، قد أصبح ميالاً لإعطاء المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط أهمية ثانوية، بل ثمة تقديران بان أوباما وجد في حماس روسيا للاستئثار في ادارة الأزمة السورية مجالاً لإغرائها في التعامل مع الولايات المتحدة  في جملة ملفات دولية أخرى، وعلى رأسها احتواء الصين وملف وسط أسيا، والملف النووي الايراني.

وبالمقابل، أظهرت أزمة الملف النووي الايراني احجاماً كبيراً في الادارة الأمريكية عن طمأنة حلفائها التقليديين حول جديتها في الضغط عسكرياً على ايران في حال استمراراها في المناورة في ملف المفاوضات.

لكن الأحداث سرعان ما أثبتت أن سياسة الولايات المتحدة بعناصرها السابقة الذكر تعاني من تعثر كبير وصل إلى حد الاستعصاء ليس فقط في مقاربة أوباما للربيع العربي بل وفي موازنة الأولويات الدولية والاقليمية. وبدا ذلك واضحاً سواء في مصر أو مع روسيا (قضية سنودن، المناورات العسكرية مع الصين) والسلوك المخادع لبوتين فيما يتعلق بالأزمة السورية، وغيرها من العوامل إلتي أدت إلى دخول الأزمة السورية مرحلة أصبح من الواضح أنها تهدد بتفشي الازمة السورية في المنطقة بشكل واسع، في وقت يسود فيه الشعور لدى حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة بتخليها عن التزاماتها لدرجة أن معظمهم أصبح يبحث عن تعويض هذا الفراغ لإعادة تأسيس تحالفاته الاقليمية والدولية.

بدت مجمل هذه الملامح واضحة عشية عطلة الكونغرس:

افترض الرئيس أوباما أن يكون شهر اغسطس شهر تمرير مشروع قانون الهجرة أمام الكونغرس ودفع الصفقة التي رُسمت خطتها حول العجز المالي مع الجمهوريين الى الأمام، كتتمة لسلسلة النجاحات التي حققتها إدارة البيت الأبيض، ولكن الواقع الراهن يضع الرئيس أوباما في مواجهة المزيد من المعوقات التي تشتت الجهود الداخلية والخارجية على حد سواء، خصوصاً مع تكشف برنامج المراقبة الحكومي السري بعد تداعيات “قضية سنودن” وتصاعد الجدل حول قانون الهجرة وقانون التأمين الصحي، بالإضافة الى محاولات الجمهوريين المتكررة لتوجيه الأنظار حول احتمالات فشل الصفقة الكبرى مع إيران مما يجعله اليوم بحاجة الى إعادة تقييم سياساته الداخلية وعلى مستوى السياسة الخارجية.

قبل يوم واحد من موعد مغادرته لقضاء إجازته الصيفية، كان الرئيس أوباما قد أوضح نيته في إعادة  تقييم مدى نجاعة سياسات ادارته عبر الإعلان عن رغبته بالتوجه الى الكونغرس من أجل وضع الإصلاحات المناسبة لبرنامج المراقبة السري الخاص بوكالة الأمن القومي، لكن دون وجود إعلان عن نية في التوقف عن تسجيل مكالمات الهاتف وجمع المعلومات اللازمة منها.  وذلك في ظل تزايد الهجوم على سياسية إدارة الرئيس أوباما بسببه مواقفه المترددة في أغلب الأحيان في إصدار موقف واضح تجاه الأزمات العالمية. ويحاول الجمهوريين توجيه اللوم لشخص الرئيس حول الموقف تجاه الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط وتركها لمصيرها.

وعلى التوازي من ذلك ظهرت مدارس جديدة داخل الحزب الديمقراطي تعارض سياسات الرئيس الأمريكي الحالية، مما قد يشكّل بادرة لانتهاء عهد “الأوباموية” أو على الأقل خضوعها لتعديلات رئيسية، إذ في سابقة لافتة من نوعها قدم عدد من كبار الشخصيات الأمريكية في السياسة الخارجية، وهما وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت ومبعوث الرئاسة السابق الى السودان ريتشارد وليامسون، بحثاً معمقاً حول قانون “مسؤولية الحماية” تجاه المدنيين، والبحث في الانتقال من مرحلة الأقوال الى الأفعال وأشارا فيه الى ضرورة التزام الولايات المتحدة الأمريكية بمركزها القيادي في العالم والوفاء بالتزاماتها بمعايير قانون “مسؤولية الحماية” من أجل خلق قاعدة دولية تهدف الى حماية المدنيين من مذابح الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.

لكن استخدام الكيماوي في سوريا ودعوة أوباما  إلى تطبيق التزاماته، جعلته مطالباً بتعديل سياساته واعادة تقييمها، واصلاح أخطائه السابقة في مدة زمنية أقصر، مما يزيد الضغوط على الرئيس الأمريكي بشكل أكبر.

السيناريوهات المحتملة لمشروع الضربة:

لا بد للإدارة الأمريكية من أخذ عدة عوامل بعين الحسبان قبل اجراء الضربة، إذ أن السيناريوهات المحتملة والمتعلقة بطبيعة الضربة وأهدافها وتبعاتها ستؤثر بشكل مباشر على مدى نجاحها. كما أن تحديد أهداف التدخل الأمريكي في سوريا، سواء العسكرية أو السياسية وحتى على المدى الأطول من أبعاد اجتماعية يلعب الدور الأكبر في تحديد طبيعة الضربة العسكرية. كما تأخذ الادارة الأمريكية في عين الحسبان الردود المحتملة لحلفاء النظام السوري، أو حتى من قبل النظام نفسه. بناءً على ما سبق يمكن طرح أربعة سيناريوهات:

  1. سيناريو “لا ضربة”: يمكن أن يفسر عزوف الإدارة الأمريكية عن التورط بضربة عسكرية ضد سوريا إلى حسابات سياسية ذاتية تتعلق بتردي الموقف الاستراتيجي العام للولايات المتحدة في المنطقة، وعمق وكثافة حالة الإعياء والاعتلال الاستراتيجي الأمريكي وتوقع حدوث تداعيات عكسية ارتدادية توسع من نطاق هذه الحالة الأمريكية. كما ان من المتوقع أن يتم ذلك في إطار دخول روسيا على الخط التفاوضي الدولي والاتفاق مع الولايات المتحدة على عدم توجيه الضربة العسكرية بهدف إيجاد حل سياسي للأزمة السورية تضمنه روسيا من خلال تامين موافقة النظام السوري على متطلبات مؤتمر جنيف.

بالرغم من ضعف احتمال هذا السيناريو إلا أنه لا يمكن استبعاده وسيكون تراجع أوباما عن القيام بعمل عسكري بمثابة فشل سياسي كبير ليس فقط على الصعيد الخارجي بل وعلى الصعيد الداخلي والحزبي ايضاً.

  1. سيناريو “الضربة المحدودة الرمزية”: ضمن هذا السيناريو سيتم ضرب أهداف عسكرية محدودة لا تساهم بتخفيض المقدرات القتالية للنظام، ولا تضعف النظام السوري بشكل يغير من قواعد الصراع. هذا السيناريو لن ينقذ أوباما سياسياً، إذ ستنتقده جميع الأطراف سواء أكانت المعادية أو المؤيدة للضربة، وسيظهر أوباما كرئيس ضعيف ويؤكّد تراجع دور الولايات المتحدة الاستراتيجي في الشرق الأوسط، كما سيسمح لبشار الأسد بتصعيد هجماته، ولحلفائه باتخاذ المزيد من السياسات العدائية تجاه الولايات المتحدة.

  2. سيناريو “الضربة النوعية”: أي توجيه ضربة عسكرية مدروسة، تضرب على التوازي مراكز قوة النظام اضافة إلى مراكز قوة الجماعات المتطرفة، بشكل لا يسمح لها بتعزيز نفوذها. لكن في هذه الحالة لا بد من التنسيق مع القوى العسكرية المعتدلة لمرحلة بعد الضربة كي لا تعم الفوضى. كما لابد بالأخذ بعين الاعتبار أن انهيار النظام بشكل سريع سيؤدي إلى حالة من الفوضى. لا يمكن أن تتكامل أهداف “الضربة النوعية” ما لم تتزامن بدعم مادي وعسكري للقوى العسكرية المعتدلة والادارات المدنية السلمية.

لذلك فإن الضربة النوعية قد تؤدي إلى حالة من استقرار الصراع سيسمح بما يلي:

  • نشوء مناطق آمنة خارجة عن سيطرة الدولة تسمح بمرور المساعدات.

  • نشوء سلطات محلية واقتناع الأطراف السورية المتورطة في النزاع بأنه ما من طرف قادر على حسم الصراع لمصلحته.

  • العمل على تدعيم القوى المعتدلة في المعسكر المؤيد للنظام.

  1. سيناريو “الضربة العشوائية” الكاسحة مع غياب سياسة واضحة في دعم القوى المعتدلة: أي توجيه ضربات موجعة للنظام السوري تنهك قدراته العسكرية والأمنية وتؤدي إلى انهياره بشكل سريع، من دون وجود بدائل قادرة على ملء الفراغ الذي سيخلفه، وبالتالي استغلال القوة المتطرفة لهذا الظرف واحكام سيطرتها.

خلاصة:

بالنسبة للولايات المتحدة ستكون الضربة العسكرية الغربية بقيادتها ضد النظام السوري بمثابة استعادة لدور الولايات المتحدة في الأزمة السورية، فبعد أن كانت تتخذ منطق القيادة من الخلف، هاهي تحاول الآن أن تثبت أنها ما زالت لاعباً فاعلاً في المنطقة. فاستخدام السلاح الكيماوي في سوريا جعل الأزمة تتجاوز بعدها الاقليمي لتصبح أزمة دولية بامتياز.

من هذا المنظور فان الضربة العسكرية الأمريكية للنظام السوري لن تبدل من مسارات الصراع على الصعيد السوري والاقليمي بما يدعم حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وحسب، بل أن تأثيراتها ستتجلّى بتبدلات جدية في سياسة أوباما في المرحلة المتبقية من رئاسته. وفي حين انه قد لا يكون هذا البعد الجديد بمثابة تغيير جذري عن سياسته الخارجية السابقة، بل بمثابة تبدل تدريجي لتدقيق هذه السياسات.

  • روسيا:

بدا السلوك الروسي تجاه أحداث الربيع العربي وتداعياته بأنّه يتّسم بقدر عالٍ من البراغماتية من جهة والعودة إلى ركائز السياسة السوفيتية السابقة القائمة على مبدأ “أنّ كلّ خسارة للولايات المتحدة هي ربح لروسيا”، وعلى مبدأ “الوقوف ضد وصول الإسلام السياسي السنّي” إلى السلطة تحت ذرائع مختلفة.

تجاه الأزمة السورية، حاولت روسيا ابقاء الولايات المتحدة تحت قبة الأمم المتحدة وحاولت اقناعها بقدرة روسيا على ادارة الملف السوري والسير به تدريجياً نحو الحوار والحل السياسي. لكنّ روسيا بالمقابل لم تكتف بدعم النظام والعمل على تصليب مواقفه السياسية والعسكرية والمالية بل عملت على الاستفادة من قبول الولايات المتحدة بمنطق القيادة من الخلف من أجل كسب الوقت واتاحة الفرصة لحلفائها الاقليميين لتحقيق نصر حاسم يخرج عملياً الولايات المتحدة من المنطقة. وتبيّن ذلك بشكلٍ واضح مع استمرار الإدارة الرّوسية بالاعتقاد بوهن الإدارة الأمريكية واعتلالها وعدم قدرتها على تجاوز أزماتها الاقتصادية وعقدة التورّط العسكري.

استمرّت الإدارة الرّوسية بسياسة مزدوجة على محورين:

المحور الأول: ابقاء الحوار مع الولايات المتحدة بهدف طمأنتها واحباط مخاوفها من جهة.

المحور الثاني: الاستفادة من الأوضاع القائمة من أجل تحقيق المزيد من النجاح في ملء الفراغ الذي يخلّفه انحسار الدور الأمريكي الاقليمي.

فشلت الإدارة الرّوسية في اقناع النظام السوري بالحاجة للحوار وايجاد مخرج سياسي، وفشل النظام بالمقابل في أي اختراق استراتيجي يسمح باستعادة السيطرة على البلاد، ناهيك عن فشل روسيا في منع تفشي الأزمة إلى المحيط الإقليمي.

مجمل هذه الأوضاع وضعت مبدأ القيادة من الخلف من قبل الإدارة الأمريكية وتسليم مفاتيح الحل السوري للدولة الروسية موضع شكّ كبير بل وتعزّز ذلك بعددٍ من ردود الأفعال الرّوسية التي بدت فيها الإدارة الرّوسية مستعدة لتصعيد التوتر مع الولايات المتحدة بشكل خطرٍ سواءً فيما يتعلّق بفضيحة “سنودن” أو بالمناورات العسكرية الصينية-الروسية أو فيما يتعلّق بالوضع في آسيا الوسطى ومتطلبات انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، إلى ان وصلت العلاقات الأمريكية-الروسية إلى حالة من التوتر الشديد لم تعد روسيا معه قادرة على اقناع الولايات المتحدة بالاستمرار في القيادة من الخلف.

لا شكّ بأن التهديد بتوجيه ضربة عسكرية لمقدّرات النظام السوري ستلاقي ردّ فعل مختلط من القيادة الروسية:

  1. فهي قد تحاول أولاً جعل هذه الضربة فاشلة ومكلفةً بشكل لا يطاق للولايات المتحدة، ويحمل هذا التوجه أبعاداً عسكرية وسياسية هامّة.

  2. وبالمقابل تستمر روسيا في السعي لابقاء سلوك الولايات المتحدة مؤطراً داخل الأمم المتحدة، فعمل الولايات المتحدة من دون إطار أممي سيشعر روسيا بالفشل، حيث ترى روسيا بأنه من الضروري أن يبقى عمل الولايات المتحدة تحت المظلة الأممية بما يقيّد الجهود العسكرية للولايات المتحدة ويسمح لروسيا بالاحتفاظ بدور ما في مرحلة ما بعد الضربة.

ولا شكّ أنّ تمكّن الولايات المتحدة من انجاز المهمة الصعبة القائمة على ضربة جراحية ناجحة، تؤدي إلى تخفيض المقدّرات العسكرية للنظام من جهة وتدعم وتؤسس لسلطة القوى المعتدلة للانتفاضة السورية سواءً من الناحية العسكرية أو المدنية، سوف يضع السياسة الروسية في موضع صعبٍ جداً للإدارة الروسية.

فبعد أن وضعت نفسها روسيا في موقع عداءٍ جبهي مع العالم الإسلامي السنيّ واتخذت موقفاً غير مبرّر في تغطية جرائم نظام الأسد فها هي تجد نفسها أمام صورة من يدعم القوى البائدة في المنطقة ويشجعها على السير نحو الهاوية.

وبدا لفترة مضت من استمرار التردّد الأمريكي أن الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة قد بدؤوا في البحث عن شريك دولي قوي وجدوا شيئاً منه في العلاقة مع روسيا (زيارة نتنياهو وزيارة بندر إلى موسكو)  فإنّ الضربة الكيماوية التي قام بها بشار الأسد قد سمحت للولايات المتحدة باستعادة زمام المبادرة وطمأنة حلفائها تجاه دورها في المنطقة.

ومن المحتمل أن تؤدي الضربة الأمريكية للنظام السوري إلى تبدل نوعي في المناخ العام المحيط بالسياسة الروسية في المنطقة. ومما لا شك فيه ان الكثير سيتعلق بمدى الضرر الذي ستلحقه المجابهة الدبلوماسية والسياسية والعسكرية غير المباشرة بين روسيا والولايات المتحدة من جهة والتبعات التي ستحصل على علاقات روسيا بالدول الإقليمية سواء منها الموافق على الضربة او تلك التي ستعمل على احباطها.

وتشير الدلائل الأولية التي تثيرها حالة التوتر العالية في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة إلى ان روسيا قد تسعى لأن “تدمي انف ” أوباما من خلال المساعدة غير المباشرة للنظام سواء من خلال تعويضه بالسلاح أو من خلال دعمه اعلامياً وسياسياً ودبلوماسياً.

لذلك فان الكثير من مصير موقع روسيا في المنطقة سيتعلق بمدى تمكن الضربة من الحاق ضرر كبير بالمقدرات العسكرية للنظام من جهة مع اقل قدر من الخسائر الجانبية في أرواح المدنيين وفي المؤسسات المدنية العامة، على يترافق ذلك بالنجاح في بلورة بنية القوى العسكرية المعتدلة وتمكينها من ملء الفراغات الناشئة عن تبعثر وإعادة انتشار قوات النظام. ومما يرجح هذا التصور استمرار الدعم الروسي العسكري للنظام. (وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، شهدت واردات السلاح السورية من روسيا ارتفاعاً وصل الى 600% ما بين عام 2007 و2011 حيث تؤمن روسيا ما يعادل 72% من قدرة النظام السوري العسكرية

وفي حال تمت الضربة بشكلها “الجراحي” هناك عدد من النتائج المترتبة بالنسبة لروسيا. إذ لاشك انها ستؤثر على موقع روسيا وصورتها الدولية من حيث انها ستجد نفسها في موقع من يدعم القوى البائدة في المنطقة لتشجعها على الخسارة الكارثية.

بالإضافة إلى ذلك فلاشك ان نجاح الضربة حسب السيناريو الثالث سيؤدي إلى تعزيز مشاعر الغضب لدى جمهور واسع في المنطقة.

وبالمقابل نجد ان الولايات المتحدة ليست مهتمة بإقصاء روسيا تماماً من المنطقة ما لم تعمل روسيا بشكل عدواني لإفشال اهداف الضربة. لذلك يمكن الافتراض ان الولايات المتحدة سوف لن تمانع في ان تسمح بدور ما لروسيا في عملية التسوية النهائية سواء في إطار جنيف 2 او في إطار صياغة مصالحة وطنية من خارج مؤتمر جنيف بما يعزز عوامل الاطمئنان لدى بعض المكونات السورية تجاه مآلات الحل.

لذلك من المرجح أن تستمر روسيا بإطلاق بعض المبادرات تجاه الآزمة السورية ومن المرجح ان تقوم بدعوة مجلس الأمن فور حصول الضربة وان تعمل على تحقيق وقف لإطلاق النار بين الولايات المتحدة والنظام في أقرب وقت ممكن في محاولة لتحديد الاضرار على مقدرات النظام وفي محاولة لإفشال امكانية وصول الضربة إلى أهدافها المعلنة.

  • دول مجلس التعاون:

اتسمت السنوات الماضية من الازمة السورية بصعود دور الدول الإقليمية الكبرى  (تركيا، إيران، إسرائيل) في إدارة الوضع الاستراتيجي في المنطقة، وكان ذلك على حساب المتغيّر العربي الذي بدى انه غير قادر على الإمساك بزمام الأمور.

من جهة أخرى أثارت السياسة الأمريكية الجديدة مخاوف دول مجلس التعاون الخليجي الذي يعتبر الولايات المتحدة حليفه الاستراتيجي، تمثلت بالمظاهر التالية:

  • نخلي الولايات المتحدة عن حلفائها التقليديين من الزعماء العرب وتركهم لمصيرهم مع اندلاع الثورات العربية بعد أن شكّلوا معاً محور التحالف الأمريكي مع العرب لزمن طويل، الأمر الذي عزز المخاطر التي تواجهها دول مجلس التعاون وتركها مكشوفة تجاه العواصف العاتية التي تعصف بالمنطقة من جهة بالإضافة إلى قلق ول مجلس التعاون من مخاطر سياسة أوباما الرخوة تجاه ايران وفشل الولايات المتحدة في اجبار إسرائيل على الانخراط الجدي في عملية السلام الفلسطيني الإسرائيلي.

وبالتالي كان لا بدّ لدول الخليج من إنتاج سياسات بديلة تدرأ المخاطر عن المنطقة، ونستطيع القول أنّ المحور الاماراتي –السعودي كان فاعلاً بشكل كبير في الأزمة السورية، خصوصاً في الفترة الأخيرة،  بحكم عدم وجود موازن آخر.

كانت زيارة الأمير بندر بن سلطان إلى روسيا الاتحادية من أهم النشاطات الدبلوماسية التي عبرت عن قلق الخليج من سياسة الولايات المتحدة، وفي تعريف المدى الذي قد تصل إليه دول الخليج في ترتيب محيطها وتأمين مصالحها في حال استمرار الإدارة الأمريكية الراهنة في نهجها الذي يترك المنطقة تحت رحمة موازين قوى إقليمية ودولية لا قبل لها بها في غياب حليف دولي يعتد به.

بالتالي فإن أهمية تحوّل مسار السياسة الأمريكية من خلال الضربة المحتملة تكمن في كونها تشكّل مؤشراً ايجابياً بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي:

  • تجاوز الانطباع السائد في المنطقة بعدم كفاءة السياسة الأمريكية في مواجهة السياسة الإيرانية

  • كما أنّ فشل ايران في إدارة الأزمة السورية سينعكس بلا شك على دورها الاقليمي وساحة نفوذها ليس فقط في سوريا بل وفي لبنان والعراق.

نستطيع القول إنّ دول مجلس التعاون الخليجي عادت إلى مقدّمة الحراك السياسي في المنطقة مع تراجع احداث مصر الأخيرة، وتراجع الدور المتفرّد لقطر ومحدودية الدور التركي.

في حال نجاح السيناريو الثالث (سيناريو الضربة النوعية) فإن من المتوقع أن تتمكن دول مجلس التعاون من تعظيم نجاحاتها الأخيرة واعادة ترميم العلاقات مع الحليف الأمريكي، اضافة إلى اكتسابها دوراً حاسماً في مسارات الأزمة السورية.

 
 
 

القسم الثاني: السيناريوهات العسكرية للضربة ضد النظام السوري

في حين نجحت ادارة أوباما بوضع عدد من السيناريوهات لاسقاط الأسد، إلا أن نقطة ضعفها في عجزها عن تطوير استراتيجية وسيناريو للاستقرار في مرحلة ما بعد الأسد.

السيناريوهات التالية مرتبطة بشكل اساسي بتصويت الكونجرس، ولعلّ رهن أوباما الضربة بموافقة الكونجرس هو الورقة الخطرة التي لعبها دون حساب نتائجها، وهو بذلك حوّل القضية من قضية خارجية إلى داخلية.

مع اقتراب الاتنخابات النصفية للكونجرس يعطي النوّاب اهتماماً كبيراً للرأي العام، وهو بمجمله ما زال يعارض الضربة، وهذا ما يدفع الكثير من النوّاب المرشّحين أن يصعّدوا من لهجتهم الرافضة للضربة.

أمام ادارة اوباما خيارين في حال رفض الكونجرس التصويت لصالح الضربة:

  • أن يمضي في الضربة رغم أنف الكونجرس: وسوف يدفع هذا الديموقراطيين في المجلس وخصوصاً من سيخوضون الانتخابات النصفية القادمة إلى ابراز خلافاتهم مع البيت الأبيض، سواءً بخيار الضربة أو في قرارات أخرى

  • الاستجابة لرفض الكونجرس: وهنا ستواجه الادارة فقداناً هائلاً للمصداقية على الساحة الدولية.

رفض الكونجرس للضربة، وبغض النظر عن اختيار اوباما حينها المضي في الضربة أو عدمه، سيؤدي إلى أن يخسر كثيراً من وزنه داخلياً، وستتراجع شعبيته ونفوذه كما حصل مع جورج بوش (الابن) في نهاية فترته الرئاسية الثانية.

قد تظهر في الأفق مبادرات سياسة تساعد اوباما على حفظ ماء وجهه، وهي قد تأتي من روسيا، ايران، أو الأسد، فيمكن أن تقدّم موسكو مبادرة من شأنها أن تبدو تقريعاً للأسد ودخولاً إلى ساحة المفاوضات، أن يقوم الأسد بحركة مسرحية كبيرة كالقاء القبض على احد الضباط رفيعي المستوى بتهمة استخدام الأسلحة الكيماوية، أو أن يقترح الايرانيين مبادرة ما ترتكز على تأجيل الضربة وتفرض حلّاً سياسياً.

مشكلة المبادرات السابقة المحتملة أنّها تأتي من الخارج، وهي وان سمحت لأوباما بانقاذ نفسه على المدى القصير، إلّا أنها تشكّل خطر استراتيجي جديد لادارته بعد أن علّق مصيره مرّة أخرى بيد دولة من خصوم الولايات المتحدة.

سيضطر أوباما لتقديم عدد من التنازلات الصعبة للجمهوريين لكسب اصواتهم، واذا تمكّن الجمهوريون خلال ذلك من بناء تحالفات فسيستخدمونها لاجهاض المرحلة الثانية من اصلاحات اوباما لنظام التأمين الصحي ووقف مشروع اوباما لزيادة سقف العجز، أي لاتاحة هامش أوسع لادارته للانفاق وغير ذلك من قضايا داخلية، فسيكسب الجمهوريون زمام المبادرة مع بدء العام الجديد، أي مع عودة الكونجرس للانعقاد.

يمكن تلخيص السيناريوهات الممكنة كما يلي:

1 . السيناريو الاول : عدم حصول الضربة العسكرية

تراجع الولايات المتحدة، وبالذات الرئيس باراك اوباما، عن قرار الضربة العسكرية تجاه النظام السوري سيعطي النظام السوري مساحة اضافية للتحرّك وتصعيد العنف، مطمئناً لزوال خطر التدخل العسكري الخارجي ضدّه، مع ضمان استمرار الدعم الخارجي من حلفائه الرّوس والايرانيين. هذا التصعيد سيؤدي للمزيد من القتل، وبالتالي المزيد من التطرّف لدى أطراف النزاع.

ستتوجّه الإدارة الأمريكية، في حال فشلت في الحصول على تفويض الكونغرس للقيام بالضربة العسكرية، إلى زيادة تسليح كتائب الجيش الحر بشكل كبير لضمان تغيير موازين القوى على الأرض، وهذا من شأنه أيضاً أن يزيد من احتمال تصاعد العنف والتطرّف.

2 . السيناريو الثاني: ضربة رمزية وشكلية.

  • اقتصار الضربة العسكرية “الرمزية والشكلية” على رشقات كروز صاروخية ” توما هوك” ضد أهداف ومواقع عسكرية محدودة ورمزية لا تؤدي إلى تخفيض جدي في المقدرات العسكرية للنظام بما يسمح للنظام السوري بامتصاص آثارها ونتائجها وضمان بقاء سيطرته وموفقه العسكري.

3 . السيناريو الثالث: ضربة قوية ومؤثرة لكنها نوعية:

الضربة النوعية أو “الجراحية” ونجاحها يعتمد على أن تترافق بدعم حقيقي وعمل تنظيمي كثيف لتعزيز مواقع القوى المعتدلة في المعارضة، وهذا سيؤدي لاستكمال تحرير الشمال بيد الجيش الحر ودرعا ربما يحصل اتصال جغرافي بين قوات الجيش الحر في درعا وقوات الجيش الحر في ريف دمشق وهذا ربما يؤدي إلى اشعال معركة دمشق، في حمص قد تجري بعض التطورات

تحسين مستوى التسليح

  • تتم من خلال ضربات عسكرية واسعة للأهداف السورية الحساسة بحيث تُدمَّر وتخرج عن العمل بشكل كبير منظومات الدفاع الجوي والقواعد الجوية والطائرات القتالية ومقرات التشكيلات الرئيسية ومراكز القيادة والسيطرة والاتصالات مرابض الصواريخ الثابتة او المتحركة (القدرة على ضربها تبقى نسبية).

  • توسيع نطاق قائمة “اختيار الأسلحة وتحديد الأهداف” بما يشمل 75 هدفاص في البداية قابلة للتوسيع بحسب ردة الفعل على الأرض بحيث يتم استخدام مجموعات الذخائر المباشرة والموجهة، الخارقة للتحصينات العميقة JDAM’s بما في ذلك القنابل الموجهة بأشعة الليزر والصواريخ الموجهة بأشعة الرادار، لتحقيق البعد النوعي في تدمير الأهداف الحيوية.

4 . السيناريو الرابع: الاعتماد الأمريكي الكلي على القوى العسكرية من خلال تحقيق ضربة واسعة وشاملة لا تكون المدعمة بالعمل على الأرض مع قوات الجيش الحر ومع الادارات المدنية

 
 
 

القسم الثالث: الوضع الاقتصادي والتداعيات المحتملة للضربة

لم يعد بالإمكان الحديث اليوم عن نظام اقتصادي في سوريا، فما هو قائم الآن هو تشظيات لاقتصاد دولة كان مترابطاً ومندمجاً ومتمحوراً على ذاته.

منذ عام 2005، أخذت المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تتطور سلباً في سوريا فانخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، وارتفعت معدلات البطالة والفقر، وانخفض نصيب الفرد من الدخل القومي، وزادت الهجرة الداخلية والخارجية. فيما انخفضت القدرات التنافسية للاقتصاد السوري وجاذبيته الاستثمارية، وتوقفت تقريباً حركة إنشاء المشروعات الجديدة واقتصر التحديث على النمو الاستهلاكي.

وكان لهذه التراكمات آثارها السلبية في خلق الظروف المواتية للانفجار الاجتماعي السياسي الذي شهدته سوريا بعد انطلاق ما يسمى بالربيع العربي في شهر فبراير عام 2011. حيث اندلعت الانتفاضة الشعبية في سوريا رافعة مطالب الحرية والكرامة والتغيير.

في النصف الثاني من عام 2011، شهدت البيئة الاقتصادية السورية عدداً من التغيرات الشاملة، بداً بتردي سعر صرف الليرة السورية التي خسرت أكثر من ثلث قيمتها حتى نهاية عام 2011. واستمر الشلل بالانتشار في مركز وأطراف الاقتصاد السوري على مدى عام 2012. إلا أن عام 2013 شهد ما يشبه الانهيار الكامل في البيئة الاقتصادية وعملية إدارة الاقتصاد.

فلم يعد بالإمكان الحديث عن اقتصاد سوري مدار مركزياً ومتكامل ومندمج ومتمحور على ذاته، كما لم يعد بالإمكان الحديث عن قطاع عام وقطاع خاص ولا عن سوق. تقطعت أوصال النظام الاقتصادي قطاعياً وجغرافياً وفقدت السلطات والمؤسسات المركزية قدرتها على القيام بمهامها ووظائفها الأساسية.

فقدت الإدارة الحكومية بشكل أساسي السيطرة على السلع الاستراتيجية الأساسية مثل النفط، القمح، والقطن التي وقعت معظمها تحت سيطرة المعارضة المسلحة في المناطق الشمالية الشرقية. وجرى تصريف ما هو متوفر منها بعيداً عن الحاجات العامة مما قوض أسس إعادة الإنتاج ومستلزماته للأعوام التالية.

ترتب عن ذلك عدد من النتائج منها

  • تزايد كبير في عجز الموازنة الحكومية التي بلغ نحو 745 مليار ليرة سورية لعام 2012 حسب الأرقام الرسمية.

  • إنكماش في الدخل القومي بأكثر من 10% وهو الرقم المعلن رسمياً لعام 2012.

  • تدهور كبير بسعر صرف الليرة السورية من حوالي 70 ليرة سورية أواخر عام 2011 إلى نحو 200 ليرة سورية في شهر يونيو 2013، ثم إلى 350 ليرة سورية في شهر يوليو ليعود إلى نحو 200 ليرة سورية قبل الحديث عن الضربة العسكرية. ومع بداية توارد الأنباء عن ضربة عسكرية وشيكة لسوريا وصل سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار إلى 265 ليعود بالانخفاض بعد تأجيلها.

  • الارتفاع الكبير في أسعار السلع، الغذائية الضرورية والدوائية والوقود ومستلزمات البناء وكلف النقل وغيرها. وانفلات السيطرة على الأسعار، تبعاً للعرض والطلب ومخاطر النقل والتوزيع وتقلبات سعر الصرف والانفجارات الأمنية وغير ذلك.

  • تشظي السوق السورية حسب مصادر السلع (مناطق الانتاج أو خطوط الاستيراد) وحسب أماكن الاستهلاك.

  • تعطل شبه كامل للقطاع السياحي وتعطل ما يزيد عن نصف القطاع الصحي والتعليمي بحسب التقديرات الكمية، أما من حيث المستوى فقد تدهور مستوى ما تبقى سواء في المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطة أو المعارضة المسلحة.

  • تراجع كبير لقيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي والعملات الأخرى ليصل سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار في السوق السوداء إلى نحو 346 ليرة سورية للدولار في شهر يوليو 2013 نتيجة لتراجع لاحتياطيات من النقد الأجنبي وعمليات المضاربة بالإضافة إلى العامل النفسي.

  • توقف الإنفاق الاستثماري للدولة وتقلص الإنفاق الجاري فيما يتعلق برواتب موظفي الدولة في المناطق خارج سيطرة النظام.

  • ارتفاع حاد وغير منطقي بأسعار السلع الاستهلاكية كما انتشرت ظاهرة التسعير الكيفي للبضائع ليصل معدل التضخم المعلن من قبل المكتب المركزي للإحصاء إلى نحو 300%. الأمر الذي أدى إلى تراجع إضافي في إنفاق الأفراد وشكل ضغوطاً إضافية على جميع طبقات الشعب من خلال ذوبان دخول المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وأولويات الإنفاق المترافق مع ارتفاع نسبة البطالة والمتعطلين عن العمل لتصل نسبتها إلى نحو 50%.

  • تراجع الثقة بالليرة السورية مما أدى إلى ربط أسعار السلع بالدولار عبر ربط بالسعر الفوري/اليومي/ بسعر الصرف في تاريخ شراء البضاعة.

  • استنزاف إضافي للاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي ضمن سعيه لإعادة التوازن في السوق واستمرار العمليات العسكرية وتوقف إيرادات الدولة من القطع الأجنبي.

  • بروز أزمة في توفر المحروقات بسبب ضرب أنابيب النقل بين المحافظات وصعوبة تحرك صهاريج نقل البنزين بين المحافظات بالإضافة إلى مشاكل استيراد المشتقات النفطية من الخارج والاعتماد على الشحنات من الدول الداعمة للنظام.

  • محاولة السلطة موجهة مسألة انخفاض قيمة الليرة والاحتياطي الأجنبي من خلال إبرام اتفاقيات مع الدول المساندة للنظام كاتفاقية المقايضة مع إيران وإعادة التصدير مع فينزويلا ومشاريع لاتفاقيات مستقبلية كمنطقة التجارة الحرة مع روسيا. بالإضافة إلى قيامها باستيراد المواد الرئيسية وبيعها مباشرة للتجار.

  • الحصول على دعم مالي من إيران يقدر بنحو 7 مليارات دولار بالإضافة إلى الدعم من روسيا المقدر بنحو 500 مليون دولار شهرياً، حسب الأخبار المتداولة.

  • استمرار تدمير البنى التحتية والممتلكات العامة والخاصة؛ حيث وصل عدد الوحدات السكنية المتضررة إلى ما يزيد عن 1.5 مليون وحدة سكنية مدمرة أو متضررة بشكل جزئي. كما قدرت قيمة الخسائر التي أصابت مؤسسات القطاع العام بنحو 1.5 ترليون ليرة سورية ما يعادل نحو 7.5 مليار دولار وبلغ عدد المنشآت الحكومية التي تعرضت للتخريب أو الدمار إلى أكثر من 9 آلاف منشأة.

  • بروز شبكة احتكارات غير رسمية للبضائع والسلع عبر عدد من الشركات خارج سوريا في لبنان والأردن ودبي مرتبطة بشخصيات من النظام تقوم بالاستفادة من الحصار الاقتصادي المفروض على سوريا بتشكيل شبكة استيراد وتوزيع غير رسمية وتفرض أسعارها على المواد والمستوردات.

  • تركزت سياسة الحكومة على مهمتين أساسيتين الأولى دفاعية وتتمثل بقيام وزارتي الدفاع والداخلية بالاشتراك مع الأجهزة الأمنية المختلفة بالوظائف العسكرية والأمنية للدفاع عن السلطة والثاني محاولة وزارات وأجهزة الدولة المدنية الاستمرار بوظائفها كوزارة الاقتصاد، الكهرباء، الماء، الصحة، التربية والتعليم، التعليم العالي، مؤسسات الخزن والتسويق، البنك المركزي كقيامها مثلاً بعمليات إصلاح شبكات الاتصالات والكهرباء والماء وتشغيل المشافي والمدارس والجامعات ومحاولتها لتوفير المواد الرئيسية.

  • ازداد الارتباط التجاري غير الرسمي بين أجزاء سوريا مع الدول المحيطة القريبة منها؛ حيث يجري نقل معظم البضائع للمناطق الشمالية عبر الحدود التركية فيما تستورد دمشق معظم بضائعها عبر درعا والأردن ولبنان. كما ظهرت ملامح لتأقلم المواطنين واستيعابهم للأزمة الاقتصادية والأمنية وبروز روح جديدة تحمل معها رغبة فئات كثيرة بالاستمرار في الحياة والتعايش مع المتغيرات اليومية.

الأوضاع الاقتصادية في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام

مرت الأوضاع الاقتصادية في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام بأزمات عديدة، لكن ومع وصول الأحداث في سوريا إلى استقرار نسبي، وتوضحت المناطق المحررة من المناطق التي يسيطر عليها النظام، وبدأت القوى الثائرة بترتيب الموارد الاقتصادية في المناطق التي تتواجد بها.

في بادئ الأمر، اقتصرت مصادر البضائع في المناطق المحررة على المخازن، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع بشكل كبير وجعل من بعضها صعبة الوجود في الأسواق. إلا أنه وبعد سيطرة الثوار على مناطق عديدة في سوريا وفرض حصار لبعض المناطق التي يسيطر عليها النظام؛ ارتفعت أسعار المواد الغذائية في مناطق النظام لخطورة طرق الإمداد أو انعدامها في بعض الأحيان، بينما انخفضت أسعار السلع بشكل نسبي في المناطق المحررة، كما حصل في مدينة حلب وريفها، وتظهر بوادر حصوله في درعا والمدن الأخرى.

أدت سيطرت قوات الثورة على المعابر الحدودية الرئيسية للسماح بعبور الحدود من قبل الأفراد (النازحين والمسلحين القادمين من الخارج) بالإضافة إلى عبور كافة أنواع السلع وتفكيك بعض المعامل ونقل المنتجات الأساسية من الداخل إلى الخارج بعيداً عن سيطرة ورقابة الإدارة الحكومية. فبدأ ضخ البضائع من الجانب التركي ليتوزع إلى المناطق المحررة من خلال معابر مؤمنة نسبياً من قبل الثوار أو بالاتفاق مع حواجز تابعة للنظام بعد التوصل إلى طريقة تحاصص للبضائع والسلع.

كما عاد تحرير المعابر الحدودية بين سوريا وتركيا بالكثير من الأرباح للطرفين فعلى سبيل المثال؛ تم تفكيك معدات آبار نفط في حمص، تصل قيمتها إلى ما بين 15 و 20 مليون دولار، وتحميلها إلى الحدود التركية لتُباع بعد ذلك. كما تم بيع زيت الزيتون المنتَج في أكبر مصنع للزيت في حلب إلى تركيا بقيمة 50 إلى 85 سنتاً أمريكياً فقط (145 ليرة سورية)، بينما يصل سعر ليتر الزيت في دمشق إلى ما بين 950 إلى 1000 ليرة سورية.

تشير الدراسات إلى أن عدد اللاجئين والنازحين من سوريا إلى دول الجوار وصل إلى 1,405,377 سوري في منتصف عام 2013 تقريباً، كما هو موضح في الرسم البياني أدناه، وتشير الإحصاءات أنه وبعد التهديد بالضربة الأمريكية على النظام السوري، وصل عدد المسافرين إلى الأردن يومياً إلى 8000 مسافر، بينما وصل هذا العدد إلى نحو 40,000 على المعبر الحدودي إلى لبنان.

أدى هذا النزوح إلى يؤدي إلى تخفيف الحمل الاقتصادي على قيادات المناطق المحررة، ويخفف من الأضرار وخسائر الأرواح المحتملة في حال تم استهداف هذه المناطق. إلا أن الأعداد المتزايدة من اللاجئين تواجه صعوبة بالوصول إلى المخيمات الفقيرة في دول الجوار بالإضافة إلى الظروف الإنسانية والمعيشية المتردية فيها، بالإضافة إلى المشاكل التي يواجها النازحون مع بعض الفئات في دول الجوار كمصر والأردن ولبنان وعدم التقبل الشعبي لهم وعدم توفر فرص عمل لهم.

الأوضاع الاقتصادية قبيل الضربة

برز خلال الفترة الماضية بعد شهر رمضان استقرار نسبي للأسواق من ناحية الأسعار والحركة التجارية في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام بشكل عام ودمشق بشكل خاص. كما استمر ربط أسعار السلع بالدولار سواءً عبر الربط بالسعر الفوري/اليومي/ في تاريخ شراء البضاعة. فيما ازداد الارتباط التجاري بين أجزاء سوريا مع الدول المحيطة القريبة منها؛ حيث تمر معظم البضائع للمناطق الشمالية عبر الحدود التركية فيما تستورد دمشق معظم بضائعها عبر درعا والأردن ولبنان. كما ظهرت ملامح لتأقلم المواطنين واستيعابهم للأزمة الاقتصادية والأمنية وبروز روح جديدة تحمل معها رغبة فئات كثيرة بالاستمرار في الحياة والتعايش مع المتغيرات اليومية.

حافظت الليرة السورية على قيمتها مقابل الدولار خلال شهر أغسطس الماضي واستقر سعر الصرف عند مستوى 200 ± 5 ل.س. للدولار. ومع بداية توارد الأنباء عن ضربة عسكرية وشيكة لسوريا وصل سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار إلى 230 في اليوم الأول بعد الأنباء بتاريخ 27 أغسطس، و265 في اليوم الثاني. أما السعر التدخلي للمصرف المركزي فقد استمر بالانخفاض بواقع ليرة سورية واحد كل يوم قبل توارد أنباء عن الضربة العسكرية ليبلغ 114 ل.س. وليرتفع إلى 124 ل.س. بتاريخ 27 أغسطس في اليوم الأول بعد الأنباء و126 في اليوم الثاني. بشكل عام، استمر توافر معظم السلع الرئيسية في الأسواق مع تثبيت سعر الصرف على مستوى 300 ل.س. للدولار. كما أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي الاستعداد التام لتمويل كافة المستوردات وفق احتياجات السوق بسعر صرف 175 ليرة للدولار الواحد ضمن سعي المصرف إلى ضبط الطلب على الدولار واستقرار أسعاره بالإضافة إلى استقرار الأسعار في السوق السورية. فيما يلي جدول يبين أسعار صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي خلال الفترة الماضية.

تعتمد عملية استقراء وتوقع الآثار الاقتصادية للضربة العسكرية على عاملين أساسيين وهما مدة الضربة العسكرية وعمق الضربة. بالإضافة إلى ذلك، فالآثار الاقتصادية على المدى القصير والمتوسط يتم تحديدها من خلال النقاط المستهدفة وأهميتها الاستراتيجية تجارياً ولوجستياً.

لن نناقش هنا تداعيات السناريو الأول والثاني نظراً لأنها بالنسبة للوضع الاقتصادي الداخلي تدخل في تصنيف سيناريو ان لا نقوم بشيءDo Nothing Scenario) ) لذلك سنركز على مناقشة:

السناريو الثالث: (استقرار الصراع وتعزيز الأمن والإدارة في المناطق المحررة):

يمكن أن يترافق ذلك بتوسع الحركة التجارية وحركة النقل والتنقل بين المناطق المختلفة وفق اتفاقات ضمنية لتبادل البضائع وانتقال الأشخاص وخصوصاً بين جنوب سوريا وشمالها مما يمكن أن ينتج عنه زيادة في الوفرة وانخفاض نسبي في الأسعار بسبب انخفاض تكلفة النقل ليبقى موضوع انخفاض سعر الدولار موضوع تساؤل في الفترات اللاحقة للضربة.

بالإضافة إلى ذلك، سيؤدي استقرار الصراع إلى تشكيل ممرات ومناطق آمنة تسمح لعودة عدد كبير من المهجرين والنازحين لمدنهم وقراهم وتمرير المساعدات الغذائية والمالية لهم مما يهيئ ويسهل عودة الحركة الاقتصادية على المستوى المناطقي وعلى مستوى البلاد لاحقاً. ولكن هذا الخيار إذا طال به الزمن سيتحول إلى تكريس فعلي لتقسيم سوريا.

يبدو بحسب التصريحات الصادرة عن الأطراف التي تتهيأ للقيام بالضربة العسكرية، أن هذا الاحتمال هو الأكثر ترجيحاً حتى الآن.

السناريو الرابع: ضربة عسكرية موسعة تؤدي لإنهيار كامل للنظام

سيؤدي انهيار النظام إلى شلل الحياة اليومية والاقتصادية نتيجة لتراجع الأمن. ستشهد الليرة السورية انهياراً كبيراً في قيمتها نتيجة عمليات المضاربة وغياب السلطة المركزية. كما ستشهد المملتكات العامة والخاصة المتبقية عميات نهب منظمة من قبل طرفي الصراع فالقوات الموالية للنظام ستحاول تحقيق مكاسبها المادية الأخيرة بينما ستجد قوى المعارضة فرصة للقصاص من المناطق الأقل خراباً وكسب الغنائم. بشكل العام ستشهد سوريا تذرراً سياسياً وأمنياً واقتصادياً لفترة طويلة نسبياً لن يستطيع أحد القيام بعمليات ضبط لتبعاتها سواء من القوى المعارضة أو مما تبقى من مؤسسات الدولة. كما ستظهر بشكل واضح انكفاء المناطق عن بعضها اقتصادياً وتوقف الحركة التجارية بين المحافظات مما سيؤدي إلى زيادة ارتباط المناطق مع الدول المجاورة لها من جهة، وفقدان بعض المواد الأساسية كالمحروقات والخبر والسكر أو ارتفاع أسعارها بشكل جنوني.

بشكل عام يمكن القول، ورغم أن أي تقدير يقدم الآن سيبقى جزئياً في ظل غياب المعطيات الدقيقة والوصول إلى مختلف المناطق، أن قيمة الخسائر المادية العامة والخاصة لا تقل عن 100 مليار دولار والخسائر في الفرص الضائعة حاضراً ومستقبلاً لا تقل أيضاً عن 100 مليار دولار. أما الخسائر التي لا تقدر برقم، كائناً ما كان، فهي الخسائر الإنسانية وقيمة الموارد البشرية التي لا تقتصر على أكثر من 200 ألف إنسان مابين قتيل ومفقود، وأكثر من 5 ملايين داخل الحدود بما يشتملون عليه من رأس مال بشري وقيم معنوية – إنسانية، وقيم مجتمعية غير قابلة للتعويض أو إعادة الإنتاج.

 
 
 

القسم الرابع: الأثر المحتمل للضربة على وضع القوى الثورة المسلحة والمدنية

سنحاول فيما يلي رسم ملامح الوضع في سوريا قبل الحادي والعشرين من أغسطس – آب:

من خلال دراساتنا المختلفة في مركز الشرق للبحوث، نستطيع القول ان الوضع العام يتسم بالاستعصاء الكامل في الوضع الداخلي مع استمرار النظام في سياسية كسر معنويات الجمهور العام عن طريق الاستمرار في القتل العشوائي وفي محاولات اختراق مواقع المعارضة.

لكننا نستطيع الاستنتاج أيضاً انه بدا من شبه المستحيل تصور ان يتمكن النظام من اجراء أي اختراق استراتيجي في الوضع العسكري بما يغير خطوط التماس بشكل جذري او يهدد استمرار سيطرة قوى الانتفاضة على المناطق الواسعة التي يديرونها، سواء في الشمال والشرق او في منطقة درعا او ريف دمشق وحتى في منطقتي حمص وحماة. ونعتقد ان هذه الاستحالة قائمة ليس بسبب التفوق العسكري لقوى الانتفاضة وليس بسبب الدعم الكامل للحاضنة الشعبية للقوى المسلّحة السائدة بل بشكل أساسي بسبب فقدان النظام للهيمنة السياسية على الأرض كأفق لحل يمكن أن يسمح لنظام بشار الأسد بالسيطرة على هذه المناطق في ظروف سلم اهلي وقبل من طوعي من الجمهور العام “الرمادي” في المناطق المحررة.

وتشير ابحاثنا انّ هذا الجمهور العام الذي يجد في الخطاب السياسي للكثير من القوى المسلحة السائدة في مناطقه مخاطر كبيرة لا تعبر عنه سياسياً على الاطلاق بل تثير لديه الكثير من المخاوف لكنه في ذات الوقت لا يجد في النظام أي مخرج على حد سواء فالعداء للنظام لا يقل عن العداء للتطرف الذي تبديه بعض التنظيمات المسلحة الجهادية. فهؤلاء يعرفون تماماً ما لا يريدون لكنهم لا يجدون في الخطاب السياسي الرائج أي مخرج عملي يريدونه.

في حين كانت بنية الدولة تستمر في التدهور والتفكك بحيث يمكن القول انه لم تعد ثمة ملامح للسلطة المركزية إلّا من خلال منظومة رواتب الموظفين والتي تتدهور قيمتها باستمرار، وانخفضت نسبة أدائها من قبل الدولة على ما يقارب ال 67% من مجمل كتلة الرواتب (بحسب آخر معلومات لمصادرنا).

كما أنه استمر تدهور الوضع المعاشي العام، وتوسعت حالة الفوضى بشكل كبير على جانبي خطوط التماس، وبرز في طرفي النزاع امراء حرب واثرياء حرب يساهمون في المزيد من دفع الأمور نحو الفوضى من خلال محاولتهم السيطرة على مقدّرات المناطق التي تقع تحت سيطرتهم، وبناء ثروات كبيرة من خلال اعمال البلطجة والخطف الخ ..

وفي إطار تصاعد العنف الأعمى للنظام ودخول بعض الجماعات المتطرفة على المناطق المحررة لملء الفراغ الناجم عن غياب الدولة من جهة وغياب الدعم للقوى المسلحة المعتدلة، تصاعدت بالتالي مشاعر الحقد والنقمة الطائفية. وبالرغم من ان هذه المشاعر لم تكن لها تجليات واسعة الا ان حوادث التطهير العرقي وحالات الجرائم الطائفية البحتة كانت محدودة لكننا نعتقد ان ثمة مخاطر جدية من انفلاتها في حالة الانهيار التام للدولة دن توفير قوة بديلة لملء الفراغ.

  • المناطق تحت سيطرة القوى المنتفضة: (ريف إدلب، ريف حلب والقسم الشرقي من المدينة، المناطق الشرقية والشرقية الشمالية، درعا).

بالرغم من تحرر هذه المناطق من السلطة السياسية للنظام وخروجها النسبي عن دائرة اجهزته القمعية، فإن الكثير من تلك المناطق ما زال يعتمد على خدمات أساسية تتم تلبيتها من قبل ماكينة الدولة، من خلال شبكة الكهرباء والماء.

كما استمر النظام في دفع رواتب شرائح معينة من الموظفين من داخل المناطق المحررة بهدف ابقائها خارج الانخراط الفعلي في الانتفاضة. ذلك أن جزأً مهماً من مصالحها ما زال رهناً بيد النظام، اذ يحتاج الموظفون لاستلام رواتبهم شهرياً من المناطق التي يسيطر عليها النظام حيث يتعرضون لمختلف أنواع المساءلة والابتزاز.

لقد أتاحت الصعوبات الاقتصادية المتفاقمة من جهة، كما ان تردد أصدقاء الشعب السوري في بلورة سياسة واضحة تجاه الأزمة واستمرار التنازع بين الفرقاء الاقليمين في دعم قوى معينة على الأرض دون غيرها بل وانفلات الوضع الداخلي انهيار الأمن المجتمعي العام، الفرصة لدخول عناصر إسلامية متطرفة وسمح لها باحتلال بعض المواقع على الأرض في ظل  النقص الفادح في موارد القوى المسلحة المعتدلة  وضعف  تدريبها،  بل سمح ذلك في بعض المناطق  لقوى إسلامية متطرفة وبخاصة دولة الإسلام في العراق والشام “د.ا.ع.ش.” والنصرة إلى السيطرة  على بعض من المرافق  والمقدرات والموارد في بعض  المناطق وقيامها بأعمال إجرامية من قتل ونهب وسبي اعتداء ضد كل من يعارض سلطتها.

وبالتالي فان تعزيز قدرات القوى العسكرية المعتدلة وتعزيز دور القوى والادارات المدنية يشكل الحلقة الرئيسية التي تسمح بالخروج من المأزق الراهن في المناطق المحررة فالمستقبل مرتبط بشكل كبير بالمراهنة في سياق استراتيجي على معركة الحاضنة الشعبية.

الوضع العام في حلب: ( ملخص لدراسات ميدانية)

تعيش حلب بقسميها الشرقي والغربي (المحرّر والنظامي) تحت وطأة أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة، ويزيد القصف المتواصل مأساة السكّان، وفي حين تقتصر قذائف الجيش الحر على المناطق القريبة من الجبهات، يقوم النظام بغارات دورية بالطيران الحربي على الأحياء (المحرّرة)، بالإضافة لاستخدامه صواريخ أرض-أرض في بعض المناطق. وتنتشر المظاهر المسلّحة بشكل كبير في شوارع الأحياء المحرّرة مع غياب واضح لمؤسسات الدولة أو من ينوب عنها في تسيير شؤون ومصالح الناس.

في حي بستان القصر مثلاً والذي تسيطر عليه كتائب مختلفة تنقطع الكهرباء معظم ساعات اليوم، وكذلك المياه التي تصل إلّا نادراً، ولا تغيب أصوات القذائف طوال اليوم،  سواءً تلك التي يطلقها النظام على الحي بشكل عشوائي أو التي يطلقها الجيش الحر باتجاه خطوط التماس مع النظام على الأحياء التي ما تزال تحت سيطرة النظام. في حين يصبح مشهد معارك الخبز في كل شارع، تستمر لدقائق يتصارع السكّان على ربطة خبز لقوتهم اليومي.

ولكن، وعلى الرغم من كل هذا المشهد فإن الحراك المدني يبرز كشكل من أشكال المقاومة، حيث ظهرت الكثير من الحركات والجمعيات المدنية من قبل بعض الذين آثروا البقاء على السفر، والاهتمام بالمجالين الخدمي والإغاثي في ظل نقص اللجان الإغاثية والهيئات الخدمية في المنطقة، حتى أن بعض البلدات في القامشلي باتت تشهد أنواعاً من النشاط الترفيهي والرياضي، خاصة مع تنامي الشعور بعدم وجود مرجعيات كما في السابق تقوم باحتكار مثل تلك الأنظمة، أو قوانين تحرّم العمل المدني.

وفي السياق نفسه يواجه العمل المدني تحدياً كبيراً نظراً للقوى المسيطرة، أو لطبيعة الصراع وأشكاله، ففي مدينة مثل عامودا التي شهدت انخراطاً واسعاً في الانتفاضة يحاول حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني فرض هيمنته، وهو ما يحوّل اهتمام السكان عن أهمية العمل المدني، أو ربما كحالة رفض لعودة الاحتكار إلى الحياة العامة.

لقد خرج الكثير من الناشطين في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية في دورات تدريبية على العمل المدني، ولكن في الكثير من الأوقات تكون الدورات فرصة لمغادرة المكان، وعدم العودة مرة أخرى، ومع هذا فإن الحراك المدني بات يشهد حالة من التنوع أكثر من ذي قبل، وبات أكثر تخصصاً، مثل الاهتمام التربوي، وتوثيق الانتهاكات، وإحياء التكافل الاجتماعي من خلال بعض المبادرات العامة.

الانقسامات هي السمة العامة والمسيطرة على العمل المدني، وفي بعض المدن مثلاً هناك مجلسين محليين، وفي كل مجلس هناك خلافات، ومحاولات التوحيد تمر بصعوبات عديدة، أهم هذه الصعوبات تدخّل قوى مسلّحة مختلفة في صناعة القرار بالاضافة لتأثير أصحاب المساعدات المالية الخارجية عليها أيضاً وعدم اهتمامها بتوحيد تلك المجالس.

يبدو أن كافة العاملين على الصعيد المدني والإداري ينتظرون شيئاً من الغد بصورة عامّة، وأنّ الغد سيحمل لهم الحل رغم أنّهم لا يعرفون تفاصيله، البعض يؤمن أن النظام سيسقط أو على الأقل رأس النظام، وحين يتم ذلك سيتم تشكيل حكومة جديدة تفرض سيطرتها على كافة المناطق وتقوم بإدارتها، وهنا سؤال عمّا اذا كان احتمال عودة النظام أحد الاحتمالات الغامضة والمبهمة التي ينتظرونها من الغد. معظم السكّان يرفضون هذا الاحتمال ويرون أن ما بينهم ويبن النظام قُطع ومن دون رجعة مهما حصل، في حين أنّ البعض وخصوصاً ممّن يعمل في القطاع الحكومي يرى أنّه احتمال وارد.

يدرك بعض الناشطين والعالمين في المجال المدني عمق مشكلة الحاضنة الشعبية وأهميتها، ويحاولون تطوير عملهم ونشاطاتهم واستراتيجتهم لتمتين علاقتهم بالمجتمع ، ويجهل آخرون هذا التحدّي أو يتنكّرون له ويرفضون اشراك القوى التي لم تنخرط في الثورة في الماضي في مهام ادارة المناطق المحرّرة. العمل على تمتين الحاضنة الشعبية يحتاج لتوجيه ودعم سياسي ليصبح توجّهاً عاماً ويحقّق النتائج والأهداف التي يسعى إليها.

  • على الصعيد العسكري

الاستياء من تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام يزداد ويتفاقم، سواءً من قبل المدنيين أو التشكيلات العسكرية الأخرى في الساحة كالجيش الحر، ومن الواضح أنّه يتجه نحو الاصطدام بشكل تدريجي. دولة الإسلام تتعامل بشدّة وغلظة مع المجتمع المحلّي والناشطين، كما أنّها تعادي عدداً كبيراً من الكتائب وتكفرّهم وترفض التعاون معهم.

لتنظيم جبهة النصرة وضع مختلف، خصوصاً في المناطق التي يكون عدد كبير من مقاتلي الجبهة من الجنسية السورية ومن أبناء المنطقة، حيث يشعر الأهالي بارتياح أكبر لهم من “داعش”، بالإضافة لإعجابهم بشجاعتهم وانضباطهم وابتعادهم عن السرقة، وبدأ النّاس يميّزون بشكل واضح بين تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام “داعش” وتنظيم جبهة النصرة.

يوجد عدد كبير من التشكيلات العسكرية، قادتها مدنيون أو عسكريون، يتميّز القادة المدنيون بالشجاعة، بينما يقرّ الكثيرون بفشل هؤلاء القادة في التخطيط العسكري للمعارك، وأنهم يتقنون الهجوم والقتال فقط.

وصلت مساعدات عسكرية خارجية لكتائب وألوية، ومن المهم جداً الاشارة إلى أن هذه المساعدات وصلت في الآونة الأخيرة من الخارج مقسّمة بشكل دقيق بين مستحقّيها، ولم تكن قيادة الأركان سوى وسيط لنقلها وتسليمها للكتائب والألوية كلٌّ بحسب الحصّة المخصصة له.

إعادة ترتيب الولاءات والروابط بين الكتائب المقاتلة هو الأمر السائد، حيث تدخل كتيبة ما في تشكيلة لواء أكبر لتستطيع تحصين نفسها ضد كتائب أخرى، أو طلباً للذخيرة والعتاد، وربّما تعيد اصطفافها مع لواء آخر او كتائب أخرى بحسب الظروف المحيطة. وعند وفاة قائد معيّن فغالباً ما تتبعثر مجموعته ويتفرّق مقاتلوها بين كتائب أخرى. ضعف الرواتب او انعدامها أحد الأسباب التي تفقد القائد النفوذ على عناصره، وتؤدي لتراجع الانضباط والطاعة بين عناصره، بالإضافة لكونهم من المدنيين البعيدين عن السلوك والانضباط العسكري الذي يكتسبه الفرد عند انخراطه في الجيش.

حركة أحرار الشام الإسلامية من التنظيمات التي تعمل على تطوير برنامج سياسي ومدني بجانب برنامجها العسكري، وتجذب قسماً من الشباب المتدينين الذين يفضّلون الابتعاد عن تنظيمات جهادية، اتقاءً لنظرة المجتمع أو حتّى خوفاً من مشكلات مستقبلية في حال قرّروا السفر خارج سوريّا.

في بدايات شهر أغسطس/ آب 2013 سحب النظام بعضاً من قواته المتمركزة في ريف إدلب ، وقام بإرسالها إلى الساحل لدعم قواته في معركتهم مع مقاتلي المعارضة بعد أن اشتدّت حدّة المعارك هناك.

وفي حلب ما يزال التقدّم بطيئاً على مختلف الجبهات مع حالة استعصاء عامّة، ويتم التقدّم من بناء إلى آخر خلال أيّام، وبذلك اذا استطاع الجيش السوري دفع الجيش الحر للتراجع شارعين مثلاً يكون قد أعادهم أشهراً للوراء. يعتمد تكتيك الجيش الحر على ضرب عدد منخفض من القذائف على المنطقة التي ينوي اقتحامها ليدفع الناس للنزوح منها أملاً بتخفيض عدد الضحايا لحظة الاقتحام، وحين يضمن نزوح عدد كبير من السكّان يبدأ اقتحامه المنطقة وضربها بشكل كثيف.

من أسباب الاستعصاء العسكري الحالي في حلب تطوير الجيش النظامي لقدراته القتالية في حرب الشوارع، إذ يلاحظ الآن انه استطاع الجنود بناء متاريس منيعة وتطوير تكتيكاتهم لتلائم حرب الشوارع، وترافق هذا مع انخفاض في التسليح القادم لحلب عن العام الماضي ، والتراجع المعنوي لدور القوى المسلحة المعتدلة ساهم في خلق حالة من الاستعصاء في حلب.

ميدانياً استطاع الجيش الحر تحقيق بعض الانتصارات مؤخراً، منها في خان العسل وقطع طريق خناصر (طريق إمداد لقوى النظام) وبهذا يحصر طرق الامداد لدى النظام بطريق معامل الدفاع القادم عن طريق حماة-سلمية.

ومع استمرار غياب الدعم الجدي للقوى المعتدلة يتراجع عملياً دور العسكر والضباط المنشقّين في قيادة كتائب الجيش الحر لصالح زعامات مدنية لا تملك خبرة عسكرية حقيقية في القتال والتخطيط، وهذا يؤثر سلباً على قوة الجيش الحر وقدرته على خوض المعارك خاصة في حلب.

الرقة:

أمّا في الرقّة فعلى الصعيد العسكري تمّ توحيد عدد من الكتائب المقاتلة في الجيش الحر في الرقّة، وتشكيل الفرقة 11 والتي ضمّت عدداً من الألوية (ثوار الرقة، المنتصر بالله، أمناء الرقة، الناصر صلاح الدين)، ولكن عملية التوحيد لم تشميل الألوية التابعة لتشكيلات عسكرية موجودة على كامل خريطة الصراع مثل لواء أحفاد الرسول. وهنا يبرز نوعين من التشكيلات العسكرية في الجيش الحر، ألوية تابعة لمناطق معينة، معظم أفرادها من أبناء المنطقة، وألوية موجودة في عدد من المدن والجبهات ترفض الدخول في عمليات مشابهة للتوحيد مثل لواء أحفاد الرسول وكتائب أحرار الشام. لكتائب أحرار الشام نفوذ كبير في الرقّة، وفي حين تستطيع الهيئة الشرعية فرض سيطرة من نوع ما على المدنيين، فإنها تعجز عن فرضها على الكتائب (أو المدنيين ممّن يدورون في فلكها) ككتائب أحرار الشام.

تشهد المناطق الشمالية الشرقية والشرقية ارتفاعاً في حدة المواجهات بين الفصائل المختلفة والمنتشرة فيها، ووصلت هذه المواجهات إلى ذروتها في الشهر الفائت بعد حوادث مدينة رأس العين “سري كانيه” في محافظة الحسكة بين “قوات حماية الشعب YPG ” من جهة و”جبهة النصرة” من جهة أخرى، إضافةً إلى المعلومات التي تناقلتها وسائل الإعلام حول الدستور الكردي المزعم تبنيه وتطبيقه من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، وبعض الشخصيات والقوى المؤيدة لهذا الحزب. كل هذه الأسباب أدت لحدوث اضطرابات واشتباكات عنيفة بين قوات من حماية الشعب YPG الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD ولواء جبهة الأكراد من جهة، وعناصر من جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، وعدد من الكتائب التابعة للجيش السوري الحر، من جهة أخرى، مما أدى إلى نزوح جماعي للآلاف من العائلات الكردية، التي لجأت إلى العراق في أكبر عمليات النزوح التي تحدث في سوريا منذ اندلاع ثورتها، ويرى البعض أن سبب هذا التدفق يعود إلى قيام حكومة إقليم كردستان العراق بفتح معبر فيشخابور الذي كان مغلقاً مما سمح لأكراد سورية بالعبور، في حين يرى البعض الآخر أن الأمر يعود لقيام ما يسمى جبهة النصرة بقتل بعض الأكراد السوريين في سورية، في حين يعزى البعض سبب النزوح إلى التدهور الأمني الكبير في سورية وافتقاد الأمان والاستقرار، ولذلك يفضل السوريين الأكراد النزوح إلى كردستان العراق، خاصةً بعد الاهتمام والتخصيصات المالية التي قدمتها حكومة الإقليم للعناية والاهتمام بالنازحين الأكراد، حيث خصصت حكومة الإقليم 25 مليون دولاراً لمساعدة النازحين الكرد من سوريا.

وبعد التمادي في العنف الذي لجأت إليه “داعش” حاولت بعض كتائب الجيش الحر في الرقة التصدي لهم، فلجات الدولة الإسلامية إلى تنفيذ مخطط لإقصاء الجيش الحر، والسيطرة على المدينة، منسحبةً من القتال في جبهات النظام.

 
 
 

استنتاجات

من جهة القانون الدولي فان المسؤولية عن استحدام الأسلحة الكيماوية تقع على منتجها بالدرجة الأولى بالإضافة لمسؤولية مستخدمها. وفي حين تحاول القيادة السورية ان تنفي مسؤوليتها عن اصدار امر إطلاق السلاح الكيماوي، فان من الثابت ان الصواريخ والقذائف المذخرة بالأسلحة الكيماوية قد أطلقت من مواقع تقع تحت سيطرتها تماماً.

يوضح الاستعراض السابق ان الأزمة السورية قدد دخلت مرحلة جدية أكثر حراجة ودقة وتعقيداً من خلال استخدام الكيماوي في غوطة دمشق. وبغض النظر عن حصول الضربة الأمريكية المحتملة بحد ذاتها او عدمه، فلقد خرجت الأزمة عن سيطرة الفرقاء الداخليين واصبح الاستعصاء الراهن في الأزمة يشكل عبءً على الوضع الإقليمي ليصبح الاصطفاف حولها تدريجياً، هو الاصطفاف الحاكم لتوزيع القوى والتحالفات في المنطقة ولتصبح الأزمة السورية عبءً كبيراً على العلاقات الدولية.

وكما عرضنا سابقاً في تحليلنا لسيناريوهات الضربة المحتملة فان نستطيع القول انها وحدها ضربة محددة تخفض القدرات الجوية والصاروخية ومقدرات النظام في القيادة والسيطرة سوف تشكل مخرجاً بالنسبة للولايات المتحدة بل اننا نعتقد ان هذا النجاح لا يمكن ان تكتمل عناصره ما لم يترافق ذلك بدفعة قوية (وإن كانت متأخرة) لدعم القوى العسكرية المعتدلة وتمكينها من تعزيز بناها المدنية والإدارية.

ومع علمنا ان أي عمل عسكري هو ساحة للمفاجأات السلبية والايجابية. لكن علينا ان ندرك ايضاً ان العوامل التي نمت بفضل التأخر في معالجة الأزمة طوال سنتين ونصف واهمال المجتمع الدولي لنكبة الشعب السوري هو المصدر الأساسي للمخاطر التي نراها اليوم وكل يوم من تقاعس المجتمع الدولي سيجعل كلفة معالجتها عليه اصعب واكثر كلفة بل وكارثياً على كل المنطقة والعالم.

لقد قدم مركز الشرق للبحوث في السابق العديد من الدراسات التي تشير إلى ان مآل السيناريو العفوي للأمور في سورية سيؤدي إلى تحويلها إلى ثقب اسود يجر المنطقة اليه بكل عناصرها ومكوناتها لتصبح سوريا اشبه ب” وزير- ستان” أخرى بل ويمكن ان يتسبب بحروب بين دولها في المدى المنظور ايضاً.

كما قدم مركزنا العديد من الدراسات التي توضح ان استمرار وهم ارادة الولايات المتحدة وأصدقاء سورية بل ومجمل المجتمع الدولي في حل الأزمة السورية سوف يفتح الطريق لصعود القوى الأكثر تعصباً والتي تتمتع بإرادة وشكيمة غاية في العناد. والحرب في رأينا بالنتيجة حرب ارادات.

غلاف الدراسة

غلاف الدراسة

About Ibrahim al-Assil إبـراهـيـم الأصـيـل

Ibrahim al-Assil is a Syrian political analyst and civil society activist who serves as a resident fellow at the Middle East Institute. He is also a director at the Orient Research Center-DC Office. His work focuses on the Syrian conflict with an emphasis on different aspects of security, civil society, political Islam, and political economy. Al-Assil is the president and a co-founder of the Syrian Nonviolence Movement, an NGO formed in 2011 to promote peaceful struggle and civil resistance as a way to achieve social, cultural, and political change in Syrian government and View all posts by Ibrahim al-Assil إبـراهـيـم الأصـيـل

شـاركـنـا رأيـك:

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: