أنا إنتقالي …


مازال الشرخ يتوسع ما بين الموالين و المعارضين…

لا أرى معنى لهذه التسميات في هذه المرحلة، فالنظام فاسد بإعتراف القائمين عليه، و هو في مرحلة التغيير بإعتراف القائمين عليه أيضا. فما معنى أن تكون مؤيد أو معارض لنظام في مرحلة التغيير

وجّهت سؤال بسيط للكثيرين ممن يسمون أنفسهم موالين: هل ترضى بالفساد والقمع؟ فكان الجواب بنسبة 95% لا.

و كان السؤال للمعارضين: هل ستتجاوب مع مبادرات إصلاحية حقيقية ؟ فكان الجواب 88% نعم.

فإذا بغض النظر عن المتطرفين بالإتجاهين فإن النقاط المشتركة فيما بين الجميع كثيرة و هذا منطقي فالهدف واحد لا شك، والمحور هو الوطن لا شك، و لكن كل فئة اتخذت اتجاه نتيجة الممارسات الإعلامية التي تقوم بها الوسائل المختلفة الداخلية و الخارجية و ساعدت الثقافات المتنوعة و البيئات المتعددة و الوقائع المختلفة من محافظة لأخرى و من مدينة لأخرى في تشكيل قناعات و مواقف قد تظهر على أنها متعاكسة الاتجاهات، و لكن نعود و نؤكد أن الهدف الإستراتيجي مشترك لا محالة.

لسنا بالمرحلة المناسبة لنصنف أنفسنا كمعارضين أو مواليين، فنحن الآن في مرحلة انتقالية، مرحلة بناء، مرحلة تغيير باعتراف جميع الأطراف.

خرجت من التصنيفات الثلاثة التقليدية، المعارض و الموالي و الوسطي إلى تصنيف أسميته الانتقالي بمحاولة ليكون هذا التصنيف الأكثر إيجابية و إنتاجية و شمولية.

إن تغيير التسمية ليس حلا مباشرا للمشكلة وإنما قد يكون وسيلة تنظيمية تجمع تحتها من كانوا متنازعين تحت أسماء مختلفة، مرتكزين على وجود أهداف إستراتيجية مشتركة فيما بينهم، ليعملوا بنفس الخطط، أملا بأن يتوصلوا للحلول المباشرة للخروج من الأزمة و الاستفادة بالحد الأقصى لتحويل نتائج هذه الأزمة إلى فوائد و إيجابيات.

كانتقالي هدفي العمل على نقل بلدي من نظام فاسد قمعي، إلى نظام نزيه عادل يحافظ على كرامات مواطنيه، يحترم جميع الأديان و الطوائف و يتعامل معها دون تمييز أو تفضيل، يستثمر في مصادر الوطن ليقوم بتوزيع عادل للثروات.

كانتقالي لا أهتم لإسقاط أشخاص معينين في السلطة أو إيصال غيرهم، ما أهتم له هو أن يشاركني القياديون أهدافي و يعملون على تنفذها بكل ما لديهم من صلاحية، مكرهين كانوا أم راغبين، من الحالين كانوا أم جدد.

كانتقالي سأعمل على التحاور مع رموز السلطة الحالية أملا بأن يتبنوا أهدافي، و إن لم يبدوا استعدادا حقيقيا سأعمل على إيصال غيرهم ممن يتبناها و يؤمن بها.

كانتقالي في هذه المرحلة، قد أكون موالٍ في المرحلة المقبلة أو معارض، و لكن هذا سيكون بعد هذه المرحلة الإنتقالية، و بعد تجاوز المشكلات الأساسية التي لا اختلاف عليها و الوصول إلى وضع مقبول بالنسبة لعامة المواطنين, و بعد ذلك قد يكون اتجاهي السياسي  منسجما مع الاتجاه السياسي للحكومة فأكون مواليا, و قد يكون معاكسا فأكون معارضا تحت سقف الوطن.

أعلم بأن الموالي يؤمن بأن مؤامرة تحاك نتج عنها خروج أبناء بلده بالمظاهرات، و أعلم أيضا بأن المعارض يؤمن بأن المظاهرات خرجت بعفوية نتيجة الفساد و الممارسات القمعية. دعني كإنتقالي أحترم وجهتي النظر و أتعامل مع كل واحدة على أنها صحيحة فلا أرضى بقمع المتظاهرين لأنهم أبناء الشعب المضللين – حسب رواية المؤامرة- الذين تحاك مؤامرة ضدهم، فأعمل على احتوائهم و توعيتهم لا بل و تنظيمهم فهم ظاهرة  مفروضة. و بنفس الوقت أؤمن بمطالبهم و أعمل على إيصال أصواتهم  بكل عناية، و أفرض رقابة على النظام لأتأكد من تنفيذ هذه المطالب المحقة.

أعلم بأن الموالي يؤمن بوجود عصابات مسلحة تقتل الأمن و الجيش و حتى المتظاهرين تحت اسم المندسين، و أعلم أيضا أن المعارض يؤمن بأن عناصر الأمن هم من يقتلون المتظاهرين و حتى الجيش.

دعني كانتقالي أتعامل مع الحالتين، و أعمل على اتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان منع كلتاهما، و ذلك من خلال الدعوة المباشرة لدخول وسائل الإعلام  الرسمية المحلية و الدولية لنقل الحدث و المساعدة في إظهار الحقيقة، و بطبيعة الأمر ستفرض هذه الوسائل رقابة إعلامية على عناصر الأمن، بالإضافة إلى العمل على تشكيل لجان ميدانية توافقية متخصصة لتفرض رقابة رسمية على الأرض، و بهذه الطريقة أكون قد تعاملت مع الرواية الأولى بإبقاء عناصر الأمن متأهبين للتصدي “للمندسين”، مع فرض الرقابة الإعلامية والرسمية عليهم خوفا من أن الرواية الثانية هي الحقيقية.

 أنا لست عسكريا و لا سياسيا و لم أتداول السلطة من قبل، كل ما لدي هي مجموعة من الأفكار أعمل على تشاركها مع أبناء وطني لعلنا نستطيع إخراج بلدنا من الأزمة و الاستفادة منها  لتغيير واقعنا، و إن اجتمع تحت هذا التصنيف و لو شخصين كانا متنازعين ليتحاورا الأن، أكون قد حققت الهدف مما كتبت، و إن استطاع أحد أن يستفيد من فكرة ولو كانت بسيطة ليطورها و يجد من خلالها حلا مباشرا أكون قد حققت الهدف مما كتبت.

بالمختصر: ما أدعو إليه هو التركيز على إصلاح ميكانيكيات و آليات النظام، و ليس العمل على إسقاط أو إيصال أشخاص معينين، لا بل قد يكون إرغامهم على الإصلاح، و احترام و استثمار الرؤى المختلفة لأبناء الوطن باتخاذ جميع الإجراءات المناسبة لهذه الرؤى، فنحن نريد العنب لا مقاتلة الناطور، لأننا بهذا الناطور أو بغيره سنأكل العنب.

بشار البحرة


3 responses to “أنا إنتقالي …

  • mohammad82

    كتير حلوة المقالة ….. بشاركك الرأي و بسمي حالي انتقالي
    الله يعطيك العافية بشار بيك

  • عابر مقال

    انا متأكد انو مع هالناطور رح نضل ناكل عنب متل ما اكلنا من 10 سنين لهلا..بس بظن مع غيرو رح ناكل (….) متل ما اكلو العراق ومصر وغيرو وغيراتو

  • بشار

    قد تكون أنت ممن يأكلون العنب منذ 10 سنوات .. ولكن إعلم أن هناك ملايين ممن لم يذوقوا طعمه منذ 40 عاما ..
    و لاحظ بأني أركز على العنب بينما تركيزك ينصب على قدسية شخص .. يا عزيزي هذا الشخص الذي تربط مصير أكثر من 23 مليون به, إن لم نقل بأنه معرض للسقوط, فإنه معرض لتلبية سنة الحياة و الإستجابة لنداء القدر أي الوفاة .. فما مصير هؤلاء من بعده ؟
    فالنعود لنركز على العنب فكلنا نأكل من نفس السلّة .

شـاركـنـا رأيـك:

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: